حكم من لم تبلغه دعوة الإسلام
السؤال: أنت تقول: إن الإنسان الكافر يوم القيامة يتمنى أن يصبح تراباً مثل الحيوانات الأخرى، فهل المسلمون مكلفون بدعوة هذا الشخص الكافر؟
وهل هؤلاء يعذرون بجهلهم في هذه الأمور, أمور التوحيد والإيمان -أي: الأشخاص البعيدون عن أهل التوحيد والإيمان؟
الجواب: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)) [آل عمران:110] ويقول: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف:108] فواجب علينا أن ندعو الكفار إلى الإسلام, وأوجب من ذلك أن ندعو أنفسنا، وأن نقيم الدين في أنفسنا نحن وقد أقام أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, الدين في أنفسهم, وفي نفس الوقت دعوا غيرهم، فنشروا الإيمان والدين والخير في العالم، ومع ذلك فإنه مهما دعونا فلا بد أن يبقى كفار, وهؤلاء الكفار لا يهمنا حكمهم عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, أي: نحن نجزم ونعتقد أنهم لن يدخلوا الجنة, وأنهم كفار وهم مخلدون في النار, لكن فلاناً منهم في جزيرة بعيدة نائية لم يعلم ما هو الإيمان، وما سمع بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فهذا علمه وحكمه عند الله.
والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أرحم منا, وهو أحكم الحاكمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وهو الحكم العدل الذي لا يجور ولا يظلم؛ ولهذا يمتحن الله سبحانه في يوم القيامة هؤلاء الكفار الذين يعتذرون ويقولون: ما بلَغَنا الدين وما سمعنا به, وكذلك الرجل الهرم ممن لم يسمع بالدين, أو المجنون أو الصغير, ممن مات قبل أن يبلغه الدين -هذا غير أطفال المسلمين- فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يمتحنهم في عرصات القيامة، فمن عصى منهم وكفر دخل النار, ومن أطاع دخل الجنة, والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي ثم يموت, إلا كان من أهل النار} أي: من سمع به أنه نبي؛ أما من لم يبلغه ومن لم يسمع شيئاً، فهذا في الدنيا على كفره؛ أما يوم القيامة فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتولى أمره، فيختبره في عرصات القيامة، أو يعذره بما شاء، فهذا أمر بينه وبين ربه جل وعلا.